عليٌّ (ع) مِعيارُ الإيمانِ والنفاق

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهمَّ صلِّ على محمد وآل محمد

 

نستعرضُ في المقام بعض ما وقفنا عليه من الروايات الواردة عن الرسول الكريم (ص) من طرق العامَّة والتي نصَّت على نفاق مَن يبغضُ أمير المؤمنين الإمام عليَّ بن أبي طالب (ع) ونصَّت على أنَّ حبَّه إيمان وبغضه (ع) مساوقٌ لبغض رسول الله (ص) وأنَّه من العلامات البيِّنة على النفاق، وهذه الروايات تبلغُ من الكثرة حدَّا يُوجب الاطمئنان بصدورها في الجملة، وقد رويت كتب الصحاح والمسانيد عن جمعٍ من الصحابة كسلمان الفارسي، والإمام عليٍّ (ع) وأمِّ سلمة زوجة الرسول الكريم (ص)، وأبي سعيدٍ الخدري، وعبد الله بن عباس، وأبي ذرٍّ الغفاري، وعمَّار بن ياسر، وجابرِ بن عبد الله الأنصاري، وأبي رافع مولى النبي (ص) وعبد الله بن مسعود وغيرهم فمن ذلك:

سلمان الفارسي:

الأول: ما رواه الحاكم بسنده عن عوف بن أبي عثمان النهدي قال: قال رجلٌ لسلمان: ما أشدَّ حبك لعليٍّ سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: "مَن أحبَّ عليَّاً فقد أحبَّني، ومن أبغضَ عليَّاً فقد أبغضني" وعلَّق الحاكم النيسابوري على الحديث بقوله: هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشيخين ولم يخرجاه(1).

أقول: مفاد هذا الحديث الشريف أنَّ البغض لعليٍّ (ع) هو في حقيقته وواقعه بغضٌ لرسول الله (ص) فمَن أبغض عليَّاً(ع) فهو مُبغض لرسول الله (ص) وإنْ زعم أنَّه يحبُّه، ومن أبغض رسول الله (ص) وهو يزعم أنَّه يحبُّه فهو منافق يُظهِر ما لا يُبطن، فهو يبطن البغض لرسول الله (ص) لبغضه لعليِّ (ع) إذ أنَّ البغض لعليٍّ(ع) مساوقٌ بمقتضى الحديث الشريف لبغضِ الرسول الكريم (ص) وبذلك يكون البغضُ لعليٍّ (ع) كاشفٌ عن نفاق الواجد له.

الثاني: ما رواه الطبراني في المعجم الكبير بسنده عن سلمان الفارسي أنَّ النبي (ص) قال لعليٍّ: "محبُّك محبِّي، ومبغضُك مبغضي". وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد وعلَّق عليه بقوله: رواه الطبراني وفيه عبد الملك الطويل وثقه ابن حبان وضعفه الأزدي، وبقية رجاله وثقوا. ورواه البزار بنحوه(2).

أمُّ سلمة زوجة الرسول (ص):

الثالث: ما رواه الطبراني في المعجم الكبير بسنده أبي الطفيل قال: سمعتُ أمَّ سلمة تقول: أشهد أنِّي سمعتُ رسول الله (ص) يقول: من أحبَّ عليَّاً فقد أحبني ومن أحبَّني فقد أحبَّ الله، ومن أبغضَ عليَّاً فقد أبغضني ومن أبغضني فقد أبغض الله" وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد وعلَّق عليه بقوله: رواه الطبراني واسناده حسن(3).

أقول: مفاد الحديث الشريف أنَّ البغض لعليٍّ (ع) يكشف عن أنَّ واجده مبغضٌ لرسول الله (ص) والبغض لرسول الله (ص) يكشف عن أنَّ واجده مبغض لله جلَّ وعلا فتكون النتيجة هي أنَّ البغض لعليٍّ (ع) يكشف عن البغض لله تعالى وهو عين النفاق وحقيقته إذ لا يبطنُ أحدٌ البغض لله تعالى إلا وهو منافق. 

الرابع: ما رواه ابن أبي شيبة في المصنف بسنده عن مساور الحميري عن أمِّه عن أمِّ سلمة قالت: سمعتُ رسول الله (ص) يقول: "لا يبغض عليَّاً مؤمن، ولا يُحبُّه منافق" ورواه ابن أبي عاصم والطبراني في المعجم الكبير(4).

أقول: مفاد هذا الحديث أنَّ المؤمن لا يبغض عليَّاً(ع) فمَن وجد في نفسه أنَّه يبغض عليَّاً فهو غير مؤمن، لأنَّ الإيمان لا يجتمع -بمقتضى مفاد الحديث- مع البغض لعليٍّ (ع) ومعنى قوله (ص): "ولا يحبُّه منافق" أنَّ قلب المنافق خلوٌ من حبِّ عليٍّ (ع) وأنَّ النفاق وحبُّ عليٍّ كالنقيضين لا يجتمعان في قلبٍ واحد، فمَن وجد قلبه عاجزاً عن حبٍّ عليٍّ (ع) فليتأكَّد أنَّه على شعبةٍ من النفاق.

الخامس: ما رواه أحمد في مسنده بسنده عن أم سلمة تقول سمعتُ رسول الله (ص) يقول لعلي: "لا يُبغضك مؤمن ولا يُحبك منافق" ورواه أحمد بن حنبل في فضائل الصحابة، وكذلك رواه الحافظ ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق، قال المزي في تهذيب الكمال: رواه الترمذي عن واصل بن عبد الأعلى، عن محمد بن فضيل، فوقع لنا بدلا عاليا، وقال: حسن غريب من هذا الوجه(5).

الإمام عليُّ بن أبي طالب (ع):

السادس: ما رواه مسلم في صحيحه بسنده عن زر قال: قال عليٌّ: "والذي فلق الحبَّة وبرأ النسمة إنَّه لعهدُ النبيِّ الأمِّي (ص) إليَّ أنْ لا يُحبُّني إلا مؤمن ولا يبغضُني إلا منافق" ورواه ابن ماجه في سننه، والنسائي في السنن الكبرى(6).

السابع: ما رواه أحمد بن حنبل في المسند بسنده عن زرِّ بن حبيش عن عليٍّ قال: "عهد إليَّ النبيُّ (ص) أنَّه لا يُحِبُّك إلا مؤمن، ولا يبغضُك إلا منافق".

ورواه الترمذي في السنن الكبرى بسنده عن زرِّ بن حبيش عن عليٍّ قال: "لقد عهد إليَّ النبيُّ الأمِّي (ص) أنَّه لا يُحبًّك إلا مؤمن ولا يبغضُك إلا منافق". قال عدى بن ثابت: أنا من القرن الذين دعا لهم النبيُّ (ص). هذا حديث حسن صحيح" ورواه النسائي في السنن الكبرى ورواه النسائي كذلك في خصائص أمير المؤمنين(7).

الثامن: ما رواه أبو يعلى في مسنده بسنده عن الحارث الهمداني قال: رأيتُ عليَّاً على المنبر، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: "قضاءٌ قضاهُ اللهُ عزَّ وجلَّ على لسان نبيِّكم النبيِّ الأمِّيِّ (ص) أنْ لا يُحبُّني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق". ورواه المحبُّ الطبري في الرياض النضرة وقال: أخرجه ابن فارس، ورواه الحافظ ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق(8).

أقول: مفاد هذا الحديث أنَّه يمتنع على القلوب الخالية من الإيمان أن تنعم بحبِّ عليٍّ (ع) فحبُّ عليٍّ لا يسكنُ إلا في قلبٍ عامرٍ بالإيمان، فإذا وجد أحدٌ بَرْد حبِّ عليٍّ(ع) في قلبه فتلك علامةٌ على أنَّ قلبَه عامرٌ بالإيمان، إذ أنَّ عليَّاً(ع) لا يُحبُّه إلا مؤمن بمقتضى نصِّ الحديث الشريف، وفي المقابل فإنَّ مَن وجد في قلبه بغضاً لعليٍّ (ع) فليعلم أنَّه منافقٌ، إذ لا يبغض عليَّاً(ع) إلا منافق بمقتضى نصِّ الحديث الشريف، فلو لم يكن منافقاً لما وجد بُغض عليٍّ (ع) في قلبه، فبغضُ عليٍّ (ع) لا يسكن إلا في قلوب المنافقين بمقتضى مفاد الحديث الشريف.

عبد الله بن عباس:

التاسع: ما رواه الطبراني في الأوسط بسنده عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس قال: نظرَ النبيُّ (ص) إلى عليٍّ فقال: لا يُحبُّك إلا مؤمن ولا يبغضُك إلا منافق، مَن أحبَّك فقد أحبَّني، ومَن أبغضَك فقد أبغضني، وحبيبي حبيبُ الله وبغيضي بغيضُ الله، ويلٌ لمَن أبغضك بعدي"(9).

أقول: صدرُ هذا الحديث متَّحدٌ في اللفظ والمعنى مع الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه، وأضاف هذا الحديث أنَّ حبَّ عليٍّ (ع) هو في حقيقته وواقعه حبٌّ لرسول الله (ص) وحبُّ رسول الله (ص) حبٌّ لله جلَّ وعلا، وكذلك فإنَّ مَن أبغض عليَّاً (ع) فإنَّه مبغضٌ لرسول الله (ص) بمقتضى نصِّ الحديث الشريف، وبغضُ رسول الله (ص) لا يكون إلا عن البغض لله جلَّ وعلا. فمَن زعم أنَّه يُحبُّ الله ورسوله (ص) فليمْتحِن قلبه فإنْ وجده مبغضاً لعليٍّ (ع) فليعلم أنَّه مبغضٌ لله ولرسوله (ص) وأنَّ دعواه الحبّ لهما كاذبة.

هذا وقد أشار ذيلُ الحديث الشريف إلى ما توعَّد اللهُ تعالى به المُبغض لعلي(ع) بقوله: "ويل لمن أبغضك بعدي" فهذه الفقرة تُشير إلى ما توعَّد الله تعالى به المشاقِّين لله ورسوله (ص) فلأنَّ المُبغض لعليٍّ (ع) مبغضٌ لرسول الله (ص) لذلك فهو موردٌ لمثل قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾.

العاشر: ما رواه الحاكم النيسابوري بسنده عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: نظر النبيُّ(ص) إلى علي فقال: يا عليُّ أنت سيِّدٌ في الدنيا سيِّدٌ في الآخرة، حبيبُك حبيبي، وحبيبي حبيبُ الله، وعدوُّك عدوي، وعدوي عدوُّ الله، والويلُ لمَن أبغضك بعدي" وعلق الحاكم النيسابوري على الحديث بقوله: صحيحٌ على شرط الشيخين(10).

أقول: يدلُّ هذا الحديث الشريف على أنَّ عدوَّ عليٍّ (ع) عدوٌّ لرسول الله (ص) وقد قال الله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ﴾(11) وقال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ﴾(12).

عمَّار بن ياسر:

الحادي عشر: ما رواه الحاكم النيسابوري بسنده عن علي بن الحزور قال: سمعت أبا مريم الثقفي يقول: سمعت عمَّار بن ياسر يقول: سمعتُ رسول الله (ص) يقول لعليٍّ: يا عليُّ طوبى لمَن أحبَّك وصدق فيك، وويلٌ لمَن أبغضَك وكذب فيك". وعلَّق عليه الحاكم النيسابوري بقوله: هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه(13).

وأورد الحديث أبو يعلي في مسنده، والخطيبُ البغدادي في تاريخ بغداد، والحافظُ ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق(14).

الثاني عشر: ما رواه الطبراني في المعجم الأوسط بسنده عن عمَّار بن ياسر قال: سمعتُ رسول الله (ص) يقولُ لعليٍّ: إنَّ الله تبارك وتعالى زيَّنك بزينةٍ لم يُزيِّن العبادَ بزينة مثلها، إنَّ الله تعالى حبَّبَ إليك المساكين والدنوَّ منهم، وجعلك لهم إماماً ترضى بهم، وجعلَهم لك أتباعاً يرضون بك، فطوبى لمَن أحبَّك وصدق عليك، وويلٌ لمَن أبغضك وكذبَ عليك، فأمَّا مَن أحبَّك وصدق عليك فهم جيرانُك في دارِك ورفقاؤك من جنَّتِك، وأمَّا مَن أبغضك وكذبَ عليك فإنَّه حقٌّ على الله عزَّ وجلَّ أنْ يُوقفَهم مواقفَ الكذابين يوم القيامة" ورواه الحافظ ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق وابن الأثير في أسد الغابة(15).

أقول: قوله (ص): "حقٌّ على الله عزَّ وجلَّ أنْ يُوقفهم مواقفَ الكذَّابين" يعني أنَّه جلَّ وعلا جعل على نفسه عهداً أنْ يكون جزاءُ المبغضين لعليٍّ (ع) يوم القيامة هو جزاءَ المنافقين، فهم أجلى من وصفهم القرآن المجيد بالكاذبين كما قال تعالى: ﴿وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ﴾(16) وقال تعالى يصفُ المنافقين ويتوعدهم: ﴿اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ .. يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ﴾(17).

الثالث عشر: ما راوه الحافظ ابنُ عساكر بسنده عن عمَّار بن ياسر قال: قال رسولُ الله (ص) "أُوصي مَن آمن بي وصدَّقني بولاية عليِّ بن أبي طالب، فمَن تولَّاه فقد تولَّاني، ومَن تولَّاني فقد تولَّى الله، ومن أحبَّه فقد أحبَّني فقد أحبَّ الله، ومن أبغضَه فقد أبغضني ومَن أبغضني فقد أبغض اللهَ عزَّ وجلَّ" وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال: "رواه الطبراني باسنادين أحسب فيهما جماعة ضعفاء وقد وثقوا"(18).

أقول: مفاد هذا الحديث الشريف أنَّه ما آمن -واقعاً- برسول الله (ص) وما صدَّقه مَن لم يتولَّ عليَّاً (ع) وما أحبَّ رسول الله (ص) من أبغض عليَّاً (ع) ذلك لأنَّ مَن أبغض عليَّاً (ع) فهو مبغضٌ لرسول الله (ص) بمقتضى نصِّ الحديث، والمُبغِضُ لرسول الله (ص) مبغضٌ لله جلَّ وعلا. وكيف يَنعَمُ قلبٌ بالإيمان وهو مبغضٌ لله ورسوله (ص)! فما هو إلا النفاق.

أبو سعيدٍ الخدري:

الرابع عشر: ما رواه الترمذي في السنن الكبرى بسنده عن أبي سعيد الخدري قال: "إنْ كنَّا لنعرفُ المنافقين نحن معشر الأنصار ببغضِهم عليَّ بن أبي طالب" ورواه أحمد بن حنبل في فضائل الصحابة، وكذلك المحب الطبري في الرياض النضرة، والحافظ ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق(19).

جابر بن عبد الله الأنصاري:

الخامس عشر: ما رواه أحمد بن حنبل في فضائل الصحابة بسنده عن جابر بن عبد الله قال: "ما كنَّا نعرفُ المنافقين إلا ببغضِهم عليَّاً"(20).

السادس عشر: ما رواه أحمد بن حنبل في فضائل الصحابة بسنده عن أبي الزبير قال: قلتُ لجابر: كيف كان عليٌّ فيكم؟ قال: "ذلك خيرُ البشر، ما كنَّا نعرفُ المنافقين إلا ببغضِهم إيَّاه"(21).

ورواه الحافظ ابن عساكر بسنده عن أبي الزبير قال: سُئل جابر عن عليٍّ فقال: "ما كنَّا نعرفُ منافقي هذه الأمَّة إلا ببغضِهم عليَّاً" ورواه في موضع آخر بسنده عن الزبير قال: قلت لجابر: كيف كان عليٌّ فيكم قال: ذاك من خير البشر ما كنَّا نعرفُ المنافقين إلا ببغضِهم عليَّاً(22).

 قال الشيخ أبو القاسم البلخي: وقد روى كثيرٌ من أرباب الحديث عن جماعة من الصحابة، قالوا: ما كنَّا نعرفُ المنافقين على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله إلا ببغضِ عليِّ بن أبي طالب(23).

أقول: الواضح من المأثورات التي أفادت أنَّ الصحابة كانوا يعرفون المنافقين ببغضهم عليَّاً (ع) أنَّهم تلقوا هذه الأمارة البيِّنة عن رسول الله (ص) فمنه (ص) علموا أنَّ آية المنافق التي لا تُخطأ هي البغض لعليٍّ (ع). فمهما تظاهر بالنسُك فإنَّ بغضَ عليٍّ (ع) يفضحُه.

أبو ذرٍّ الغفاري:

السابع عشر: ما رواه الحاكم النيسابوري في المستدرك على الصحيحين بسنده عن أبي ذر قال: "ما كنَّا نعرفُ المنافقين الا بتكذيبِهم الله ورسوله، والتخلُّفِ عن الصلوات، والبغضِ لعليِّ بن أبي طالب " علَّق الحاكم على الحديث بفوله: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه" وأخرجه المحبُّ الطبري في الرياض النضره وقال: أخرجه ابن شادن(24).

عبد الله بن مسعود:

الثامن عشر: أخرج ابنُ مرويه عن ابن مسعود قال: "ما كنَّا نعرفُ المنافقين على عهد رسول الله (ص) إلا ببغضِهم عليَّ بن أبي طالب"(25).

أبو رافع مولى النبيِّ (ص):

التاسع عشر: ما رواه البزَّاز في مسنده بسنده عن أبي رافع قال: بعثَ رسولُ الله (ص) عليَّاً أميراً على اليمن، وخرج معه رجلٌ من أسلم يُقال له عمرو بن شاس فرجع وهو يذمُّ عليَّاً ويشكوه، فبعثَ إليه رسولُ الله (ص) فقال: "أخبرنا عمرو هل رأيتَ من عليٍّ جوراً في حكمه أو أثرة في قسمه؟ قال: اللهمَّ لا، فعلامَ تقول ما يبلغني؟ قال: بغضُه لا أملكُه قال: فغضب رسولُ الله (ص) حتى عُرِفَ ذلك في وجهِه، وقال: مَن أبغضَه فقد أبغضني، ومَن أبغضني فقد أبغضَ الله، ومن أحبَّه فقد أحبَّني، ومَن أحبَّني فقد أحبَّ الله" ورواه الطبراني في المعجم الكبير(26).

عبد الله بن حنطب المخزومي القرشي(27):

العشرون: ما رواه أحمد بن حنبل في فضائل الصحابة عن المطلب بن عبد الله بن حنطب، عن أبيه قال: خطبنا رسول الله (ص) يوم الجمعة، فقال:".. يا أيُّها الناس، أُوصيكم بحبِّ ذي أقربيها أخي وابن عمِّي عليِّ بن أبي طالب، فإنَّه لا يُحبُّه إلا مؤمن، ولا يبغضُه إلا منافق، مَن أحبَّه فقد أحبَّني، ومَن أبغضَه فقد أبغضني، ومَن أبغضني عذَّبه الله عزَّ وجلَّ" ورواه الحافظ ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق(28).

أقول: هذا الحديث الشريف يُضيف إلى ما ورد في مثل صحيح مسلم من أنَّ عليَّاً لا يَبغضه إلا منافق التأكيد على أنَّ بغضَ عليٍّ (ع) بغضٌ لرسول الله (ص) وأنَّ عاقبة مَن كان كذلك هو التعرُّض لعذابِ الله الذي توعَّد به المناوئين لرسوله (ص) في مثل قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾(29) وقوله تعالى: ﴿أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ﴾(30) وقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ﴾(31).

والحمد لله ربِّ العالمين

الشيخ محمد صنقور

7 / شعبان / 1446ه

6 / فبراير / 2025م

 


1- المستدرك على الصحيحين -الحاكم النيسابوري- ج3 / ص130.

2- المعجم الكبير -الطبراني- ج6 / ص239، مجمع الزوائد -الهيثمي- ج9 / ص132. تاريخ مدينة دمشق -ابن عساكر- ج42 / ص269.

3- المعجم الكبير -الطبراني- ج23 / ص380، مجمع الزوائد -الهيثمي- ج9 / ص132.

4- المصنف -ابن أبي شيبة- ج7 / ص503، السنة -ابن أبي عاصم- ص 584، المعجم الكبير -الطبراني -ج23 / ص375.

5- مسند أحمد -أحمد بن حنبل-ج6 / ص292، فضائل الصحابة -أحمد بن حنبل- ج2 / ص619، تاريخ مدينة دمشق -ابن عساكر- ج42 / ص279، تهذيب الكمال -المزي- 

6- صحيح مسلم -مسلم- ج1 / ص61، سنن ابن ماجه- ابن ماجه- ج1 / ص42، السنن الكبرى- النسائي ج8 / ص117.

7- مسند أحمد -أحمد بن حنبل- ج1 / ص95، السنن الكبرى -الترمذي- ج5 / ص306، السنن الكبرى -النسائي- ج 8 / ص116، خصائص أمير المؤمنين -النسائي- ص105.

8- مسند أبي يعلى -أبو يعلى الموصلي- ج1 / ص347، الرياض النضرة -المحب الطبري- ج3 / ص190، تاريخ مدينة دمشق -ابن عساكر- ج42 / ص60,

9- المعجم الأوسط -الطبراني- ج5 / ص87.

10- المستدرك على الصحيحين -الحاكم النيسابوري- ج3 / ص128،

11- سورة الفرقان / 31.

12- سورة الأنعام / 112.

13- المستدرك غلى الصحيحين -الحاكم النيسابوري- ج3 / ص135.

14- مسند ابي يعلى -أبو يعلى الموصلي- ج3 / ص179، تاريخ بغداد -الخطيب البغدادي- ج9 / ص74، تاريخ مدينة دمشق -ابن عساكر ج 42 / ص281.

15- المعجم الأوسط -الطبراني- ج3 / ص337، تاريخ مدينة دمشق -ابن عساكر- ج42 / ص282، اسد الغابة -ابن الأثير- ج4 / ص23.

16- سورة المنافقون / 1.

17- سورة المجادلة / 16-18.

18- تاريخ مدينة دمشق ج51 / ص7، مجمع الزوائد -الهيثمي- ج9 / ص109.

19- السنن الكبرى -الترمذي- ج5 / ص298، فضائل الصحابة -أحمد بن حنبل- ص 265، الرياض النضرة -محب الدين الطبري- ج3 / ص190، تاريخ مدينة دمشق -ابن عساكر- ج 42 / ص285.

20- فضائل الصحابة -أحمد بن حنبل- ص297.

21- فضائل الصحابة -أحمد بن حنبل- ص315.

22- تاريخ مدينة دمشق -ابن عساكر- ج42 / ص374، ج42 / ص287.

23- شرح نهج البلاغة -ابن أبي الحديد المعتزلي- ج4 / ص83. 

24- المستدرك على الصحيحين -الحاكم النيسابوري- ج3 / ص129،

25- مناقب علي بن أبي طالب -ابن مردويه- ص321، الدر المنثور -السيوطي-ج6 / ص66.

26- مسند البزاز -أبو بكر أحمد بن عمرو المعروف بالبزاز- ج9 / ص323، المعجم الكبير -الطبراني- ج1 / ص319.

27- عبد الله بن حنطب بن الحارث بن عبيد بن عمرو بن مخزوم القرشي والد المطلب قال بن أبي حاتم له صحبة وذكره بن حبان في الصحابة" الإصابة -ابن حجر- ج4/ 56.

28- فضائل الصحابة -أحمد بن حنبل- ص289، تاريخ مدينة دمشق -ابن عساكر- ج42 / ص279.

29- سورة الأنفال / 13.

30- سورة التوبة / 63.

31- سورة المجادلة / 20.